بقلم د. محمود عماره
نعيش اليوم في عالم مزدحم بكل شيء: أصوات أخبار وآراء وصراعات لا تهدأ لم تعد الضوضاء شيئاً مسموعاً فقط بل أصبحت مرئية ومقروءة وتغزو أذهاننا كل لحظة عبر الشاشات والمنصات في هذا الزمن الصاخب تبدو الحاجة إلى “الوعي” أشبه بمحاولة إشعال شمعة وسط عاصفة الضوضاء الحديثة ليست صوتاً فقط قديماً كانت الضوضاء تعني الزحام أو ضجيج السيارات
أما اليوم فهي سيل لا ينقطع من المعلومات أغلبه غير موثوق وغير متوازن وغير بريء منصة واحدة على الإنترنت قد تقلب مزاج شعب أو تزرع فكرة خطيرة خلال دقائق رأينا ذلك مراراً في مواقف سياسية أو حملات تشويه لشخصيات عامة أو حتى شائعات تهز الثقة في مؤسسات كيف نحمي وعينا؟ أول خطوة لصناعة الوعي هي “الاختيار الواعي”
لما نقرأ ونشاهد ونسمع ليس كل ما ينشر يستحق أن يصدق وليس كل ما يقال يعبر عن الحقيقة كما قال الفيلسوف سقراط: “العقول الضعيفة تناقش الأشخاص والعقول المتوسطة تناقش الأحداث والعقول القوية تناقش الأفكار” نموذج واقعي: أثناء جائحة كورونا انتشرت معلومات مغلوطة بشكل واسع عن طرق الوقاية والعلاج كثيرون صدقوا تلك المعلومات من مصادر مجهولة مما أدى إلى أضرار جسيمة الوعي وقتها كان الفارق بين الحذر والتسرع بين السلامة والخطر
ثانياً علينا أن نسأل دائماً: من المستفيد؟ من يربح من هذه الفوضى؟ من يسعى لتشتيت وعينا؟ الوعي الحقيقي يبدأ عندما نتوقف عن استهلاك المعلومات بعشوائية ونبدأ في تحليلها بعقل ناقد دورنا تجاه بعض صناعة الوعي ليست مسؤولية فردية فقط بل مسؤولية مجتمعية أن توعي من حولك أن تحاور دون تعصب أن تنشر ما يبني لا ما يهدم هذه أدوار حقيقية في زمن الفوضى كما يقول نيلسون مانديلا: “التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم”
وأخيراً… صناعة الوعي رحلة تبدأ من الداخل في زمن الضوضاء لا تنتظر أن يقدم لك الوعي جاهزاً بل اصنعه أنت وحافظ عليه وكن نوراً وسط العتمة
جريدة الحلم العربي