بقلم: محمود عمارة
لم يعد التحول الرقمي مجرد تطور تكنولوجي بل هو نمط حياة إجباري فُرض على الجميع لقد جلب لنا هذا التحول خدمات مذهلة فـ (الاقتصاد الرقمي) ينمو و(العمل عن بعد) أصبح واقعاً و(إنهاء المعاملات) يتم بلمسة شاشة لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الوقت تحديداً
هل كانت هذه السرعة مجانية؟
الحقيقة أننا دفعنا ثمناً غالياً مقابل هذه الفعالية: “صحة تركيزنا وجودة حياتنا” فخ الإتاحة: متى يصبح الهاتف عبئاً؟ المشكلة الجوهرية التي نواجهها اليوم هي التحلل التدريجي للحدود.
لقد ألغت أدوات التواصل الرقمية الخط الفاصل بين مكان العمل والمنزل فبات الموظف مُتاحاً للاستجابة على مدار الساعة. هذا التوقع المستمر للـ “استجابة الفورية” خلق حالة من الضغط النفسي المُزمن حيث يعيش العقل في حالة تأهب دائمة غير قادر على الحصول على الراحة الكافية اللازمة للإنتاج والإبداع.
كما أننا نعيش مفارقة حقيقية نحن في عصر الاتصال المفرط بينما نعاني من العزلة الاجتماعية العميقة استُبدلت الحوارات العميقة بتفاعلات سطحية على المنصات الأمر الذي يهدد الروابط الأسرية والإنسانية التي تُعد اللبنة الأساسية لجودة الحياة ضرورة “اليقظة الرقمية” إذا كنا لا نستطيع إيقاف هذا التيار فعلينا أن نتعلم كيف نوجه مساره العلاج لا يكمن في مقاطعة التكنولوجيا بل في إعادة تعريف العلاقة بها
يجب أن نتبنى مفهوم “اليقظة الرقمية”:
١_ وضع حدود مقدسة: يجب فرض فترات زمنية يومية تكون خالية من الشاشات تُخصص للعائلة للقراءة أو للتأمل غير الموجّه.
٢_ التكنولوجيا أداة وليست سيداً: استخدام الأدوات الرقمية لتحقيق الأهداف المحددة (كالدراسة أو إنجاز مهمة) لا للهروب أو الإلهاء اللامتناهي.
٣_ إن جودة حياتنا لا تُقاس بعدد الخدمات الرقمية التي نستهلكها بل بمدى قدرتنا على الحفاظ على هدوئنا الداخلي في وجه هذا السيل المتدفق. إن لم نتحكم نحن في أدواتنا فستتحكم هي في إنسانيتنا والاختيار اليوم هو قرار وعي لا قرار تقني
جريدة الحلم العربي